أولاً :- الوقف على المساجد


الأوقاف في الكويت قديمة قدم الكويت نفسها وهي أحد مظاهر الهوية الإسلامية للمجتمع الكويتي ،ولقد كان المحسنون من أهل الكويت يبنون المساجد كعمل من أعمال البر والخير والتقرب إلى الله تعالى ولتشجيع المسلمين على أداء الصلاة جماعة في المساجد عن طريق إنشائها في كل حي ، وكان كثير ممن أنعم الله عليهم يوصون بتخصيص ثلث تركاتهم لبناء المساجد .

ولم يكتف الرعيل الأول من المحسنين من أهل الكويت ببناء المساجد في الكويت ، بل كانوا يبنون المساجد ويجهزونها كاملة على نفقتهم في بعض المدن والعواصم الأخرى؛ لتكون موئلاً للعباد والصالحين ولإقامة الصلاة وإعلاء كلمة الله تعالى ، يضاف إلى ذلك أنهم وقفوا أعياناً من العقارات والأراضي التي تدر ريعاً للإنفاق على هذه المساجد أو تخصص للعاملين بها .

وبعد تأسيس دائرة الأوقاف سنة 1949 م . والتي أخذت على عاتقها مهمة بناء المساجد فإن المحسنين استمروا في بناء المساجد على نفقتهم الخاصة ، ورصدوا لها الأوقاف اللازمة .

ولقد امتد تعاون أهل الكويت في مجال الوقف الخيري على المساجد ، وكثيراً ما يكون الواقف غير المؤسس ، حتى أصبحت أكثر مساجد الكويت لها أكثر من وقف من بيت أو دكان أو أرض ، وذلك تنافساً وتسابقاً في التقرب إلى الله تعالى بإعمار بيوت الله وخدمتها .

وتنوعت غايات الوقف على المساجد لتتناول غرضاً -أو أكثر- من الأغراض التالية :

1- الإمام والمؤذن :
غالباً ما تكون الوقوف الموقوفة على الإمام أو المؤذن ، إما لتوفير المسكن، أو لدفع الرواتب كما في مسجد (علي بن حمد) حيث كان البيت الموقوف على هذا المسجد يؤجر ويصرف من ريعه على الإمام أو المؤذن.

2- تعمير المسجد:
قد يكون ريع الموقوف مخصصاً لتعمير المسجد وصيانته ونصت على هذا وقفية مسجد الشايع .

3- وقف عام على المسجد:
قد يكون الوقف عاماً على مسجد بعينه بدون تخصص بذكر فئة مستفيدة ، وهذا ما فعله أحمد وعلي الفهد الخالد حيث وقفا بيتاً من ثلث أخيهما فرحان الخالد على مسجد المهارة .

4- مدرسة لتحفيظ القرآن :
لم يهمل أهل الكويت مدارس القرآن، فقد عينوا وقفاً لينفق ريعه على المدرسة الموقوفة على المسجد وهذا نجده في وقف مسجد ناهض الذي أسسه محمد ملا صالح من ثلث زوجته، وشملان علي آل سيف من ثلث سعر السلعة في سنة 1335 هـ .

5- تعمير مسكن الإمام والمؤذن :
يتمثل هذا النوع من الوقف في وقف مسجد الشايع حيث نص عليه في الوقفية وهو أن ينفق ريعه على : ( ما يحتاجه المسجد والبيوت الموقوفة من تعمير) .

6- الأدوات التي يحتاجها المسجد من فرش ودلو وحبال وسراج :
لقد انتبه أهل الخير في الكويت إلى ما يحتاجه المسجد من أدوات مثل الفرش والدلو والحبال والمصباح، فجعلوا وقوفاً لها من بيوت ودكاكين ، ونصف وقفية مسجد البدر على هذه الأغراض .

7- الوقف على مدرسة لتحفيظ القرآن:
كان لمسجد الناهض غرفة صغيرة لها باب على الشارع جعلت مدرسة لتحفيظ القرآن، وكذلك الحال في البيت الموقوف الذي جعل مدرسة في مسجد القطامي .

8- وقف يصرف ريعه لفطور الصائمين:
وتمثل هذا الوقف في أحد وقوف مسجد الشايع إذ نص فيه على إفطار الصائمين .

 

ان نشأة المساجد القديمة في الكويت هي البداية الحقيقية لتاريخ العمران فيها، واليك عزيزي القارئ نقدم بياناً بمساجد الكويت منذ 1696 م حتى عام 1955 م : 

ثانيا:- الأوقاف في مختلف وجوه البر والخير


لم تقتصر الأوقاف الخيرية في الكويت على المساجد كما سبق أن ذكرنا بل تنوعت مجالاتها لتشمل الأغراض الآتية:

1- الإطعام :
والمقصود هو تقديم المواد الغذائية الضرورية للمحتاجين في كافة بلاد المسلمين سواء تم تقديمها بصورة فردية أو جماعية ، وبخاصة الأيام الفاضلة والمواسم والأعياد وفي شهر رمضان .

2- الوقف على العشيات :
" العشيات " مرادفة للإطعام ، وتتحقق بتقديم وجبات طعام وتقديم الطعام للفقراء والمحتاجين داخل البلاد وخارجها ، وخاصة في البلدان المعدمة والفقيرة بإعانة اللاجئين والمحتاجين .

3- الوقف على الأضاحي :
ويتحقق بتوزيع الأضاحي على المحتاجين داخل الكويت وخارجها، ويتم ذلك في أيام عيد الأضحى المبارك .
ويلاحظ أنه بالنسبة لهذه الأوقاف : ( الإطعام والعشيات والأضاحي ) فإن إدارة الوقف حاليا تحول قسما من المبالغ المخصصة لها إلى بيت الزكاة سنويا ليقوم البيت بدوره في توزيعها بما لديه من جهاز إداري وخبرة في مناطق الكويت، وذلك تنفيذاً لشروط الواقفين.

4- الوقف على الخيرات :
يتحقق هذا الشرط بمختلف وجوه العمل الخيري ومنها : تقديم المعونة للفقراء والمحتاجين ، ومنها أيضاً دعم الهيئات والجمعيات والمراكز الإسلامية .

5- الوقف على المبرات :
ويشمل هذا المجال بناء المستشفيات والمراكز الصحية ودور الرعاية وما إلى ذلك .

6- الوقف على الفقراء والمساكين :
ويتحقق ذلك بالصرف على الفقراء والمحتاجين المتعففين .

7- الوقف على طلبة العلم :
ويتضمن ذلك طبع الكتب الإسلامية والمصاحف ونشرها وتوزيعها في البلاد الإسلامية المحتاجة وإيفاد الطلاب في بعثات دراسية خارج البلاد، سواء أكان إيفادهم لتحصيل العلوم الشرعية أم غيرها من العلوم المشروعة .

8- الوقف على تسبيل المياه :
وذلك بشراء برادات المياه ووضعها بالمساجد والأماكن العامة والأسواق وتزويدها بالمياه ، ويشمل أيضا حفر الآبار في البلدان الإسلامية الفقيرة المحتاجة وتوفير مصادر المياه للشرب .

9- الوقف على القرآن الكريم :
ويشمل تعليم القرآن الكريم أو طباعته وتوزيعه .

10- الوقف على التعمير :
ويقصد به تعمير الوقف من إيراده ثم الصرف من ريعه على الوجوه الخيرية المرصود لها ذلك الوقف .

11- الوقف على ما يعمل الحي للميت :
ويتحقق ذلك بأي عمل يعود بالخير والمنفعة والرحمة على الميت .

12- وهنالك أوقاف خاصة على تغسيل الموتى وتجهيزهم ودفنهم .
ولا بد لنا من إيراد بعض الملاحظات ومنها :
أ- يبلغ اجمالي عدد الواقفين أوقافا خيرية مدونة في سجلات الأوقاف 300 واقفاً ، يضاف إليها (140 ) وقفاً على المساجد .

ب- أكثر أوقاف المساجد موقوفة على المساجد القديمة ، مثل مساجد ( العدساني – النومان – القطامي – السرحان – ابن خميس –الوزان – هلال ) وغيرها .

ج- هنالك أوقاف خيرية تقوم الأمانة العامة للأوقاف بمهمة النظارة عليها ، وهنالك أوقاف تكون "الأمانة" ناظرة عليها بالإشتراك مع أحد أقارب الواقف ، وهنالك أوقاف لها نظار منفردون من ذرية الواقف .

د- كانت الأوقاف قديما منتشرة في جميع أحياء الكويت القديمة ، مثل : (الشرق، والقبلة، – والمرقاب ) ، وقد كانت هذه الأحياء في القديم المركز الرئيسي للكويت ، وكانت العقارات في تلك المناطق -ولا تزال- ذات قيمة اقتصادية عالية .

هـ- لم يقتصر الوقف على عقارات وأملاك داخل البلاد ، بل اتسعت رقعته لتشمل عقارات يملكها الواقفون الكويتيون في الخارج، مثل وقف هلال المطيري في الهند والبحرين ، ووقف منيرة العتيقي في مكة المكرمة، وهنالك عدة أوقاف أخرى في البصرة والإحساء .

و- من الأمثلة على أقدم الأوقاف الخيرية في الكويت قبل عام 1300 هـ :

أمثلة على أقدم الأوقاف الخيرية في الكويت


ز- الوقف الذري (أو الأهلي ): هو الوقف المرصود ريعه لذرية الواقف وأولادهم وأقربائهم، فإذا انقرضوا فإلى وجهة خيرية، ويبلغ عدد الأوقاف الذرية في الكويت (70 ) وقفاً ذرياً .


ثالثا:-دور المرأة في الوقف


وللمرأة دور بارز وفعال في العمل الخيري بشكل عام وفي الوقف بشكل خاص فقد كان لمساهمات المرأة السخية في الأعمال الوقفية بالأملاك والعقارات أثرها الواضح في نمو المؤسسة الوقفية وازدهارها مما يدل على ما تحلت به المرأة الكويتية منذ القدم من وعي ديني وحرص على التقرب إلى الله تعالى .

ومن ذلك :

- ما قامت به السيدة /الفاضلة ملكة الغانم حيث قامت ببناء مسجد القطامي بالقرب من منزلها ووقفت له منزلين بقرب من المسجد صار أحدهما مدرسة لتحفيظ القرآن والآخر مسكنا للإمام .
- وكذلك ما قامت به شاهة بنت حمد بن يوسف الصقر بتشجيع من المحسن الفاضل سلطان الكليب بتجديد بناء مسجد السوق القديم على نفقتها .
- و( بنت دليم ) التي سمعت ببناء مسجد كبير في الكويت فسارعت بالاتصال بيوسف بن عبد الله الصقر كتابة ترجوه أن يجعل لها دورا في بناء هذا المسجد ، وهي امرأة من الزبير ورثت عن أبيها ثروة طائلة فأرادت أن تجعلها في أعمال الخير سواء في الزبير أو في الكويت وقد قبل يوسف الصقر مساهمتها بعد أن رأى إصرارها على عمل الخير .
- ومن أوقاف النساء في الكويت على المساجد :
- ومن نظرة إحصائية سريعة في مساهمات المرأة في الأعمال الوقفية المسجلة في دائرة الوقف في الكويت يمكن بيان الحقائق التالية :

1. في مجال الأوقاف الخيرية :
يبلغ عدد الواقفات من النساء (165 ) أي بنسبة 50% من عدد تلك الأوقاف .

2. في مجال الوقف على المساجد :
يبلغ عددهن (11) بنسبة 7% من العدد العام .

3. في مجال الأوقاف الأهلية :
يبلغ عدد النساء الواقفات (27 ) أي بنسبة 38% من المجموع العام لتلك الأوقاف .

4. في مجال الأوقاف المشتركة :
الواقفات (21 ) أي بنسبة 46% من المجموع العام .
وبذلك يبلغ عدد النساء الواقفات (224 ) وتكون نسبتهن إلى مجموع الواقفين عامة بنسبة 38% وهي نسبة مرتفعة تدل على مساهمة حقيقية وفاعلة من المرأة الكويتية في مؤسسة الوقف الإسلامي .