مشروعية الوقف وحكمه :


ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الوقف باعتباره صدقة جائز شرعا ومندوب إليه ، واستدلوا بأدلة عامة وأدلة خاصة نذكر منها :-

أدلة عامة : استدلوا على الصدقات عموماً ومنها الوقف بقوله تعالى : " لن تَنَالُوا البرَّ حتى تنفِقُوا ممَّا تُحِبُّونَ " ( سورة آل عمران - من الآية 92)، كما استدلوا بقول النبي صلى الله عليه و سلم ( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلاّ من ثلاثة : صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له ) . والوقف نوع من الصدقة الجارية .

أدلة خاصة : استدلوا بوقف الرسول صلى الله عليه و سلم فقد ثبت أنه عليه السلام قد وقف في سبيل الله أرضا له ، فقد روي عن عمرو بن الحارث بن المطلق أنه قال : " ما ترك رسول الله صلى الله عليه و سلم إلاّ بغلته البيضاء وسلاحه ، وأرضاً تركها صدقة " . رواه البخاري

وأيضا ما رواه ابن عمر رضي الله عنهما : " أصاب عمر بخيبر أرضا فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أصبت أرضا لم أصب مالا قط أنفس منه فكيف تأمرني به ، قال : إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها ، فتصدق عمر أنه لا يباع أصلها ولا يوهب ولا يورث ، في الفقراء والقربى والرقاب وفي سبيل الله والضيف وابن السبيل لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف أو يطعم صديقا غير متمول فيه " ومعنى ( أنفس ) أي أغلى وأجود ، ومعنى ( وليها ) أي يتولى النظارة عليها ، وهذا الحديث أصل في مشروعية الوقف وأحكامه .

حكمة مشروعية الوقف :

الوقف نوع من أنواع الصدقات التي يقصد بها التقرب إلى الله تعالى ، فهو من القرب المشروعة التي حث الشارع الكريم عليها وندب إليها وطريق من طرق إدرار الخير ، واجزال المثوبة للمتصدق ، إذا اقترن عمله بنية صالحة ورغبة صادقة .

أهداف الوقف (للوقف هدفان):

هدف عام : فللوقف وظيفة اجتماعية قد تبدو ضرورية في بعض المجتمعات وفي بعض الأحوال والظروف التي تمر بها الأمم . فيكون للوقف الدور الكبير في تنمية المجتمع بشتى أفرعه فهو يغطي احتياجات الفئات الفقيرة ودور العبادة ابتداء ويتعدى ذلك إلى أهداف اجتماعية واسعة وأغراض خيرية شاملة مثل دور العلم والمصحات الطبية وأصحاب الحاجات الخاصة .

هدف خاص : يتعلق بالجوانب الخاصة بالطبيعة البشرية ، فالإنسان يدفعه إلى فعل الخير دوافع عديدة لا تنفك في مجملها عن مقاصد الشريعة الإسلامية وغاياتها ، منها دوافع دينية واجتماعية وعائلية وواقعية وأخرى غريزية .

أركان الوقف وشروطه :

لا بد لانعقاد الوقف من وجود شخص تصدر عنه الصيغة وهو الواقف ، ومال تقع عليه وهو الموقوف أو عين الوقف ، وجهة تعين لتصرف إليها منافع الوقف وهو الموقوف عليه .

1 – الصيغة :

ينعقد الوقف بالإيجاب فقط دون القبول من الموقوف عليه ، وهو بذلك يختلف عن التصرفات التعاقدية التي يعتبر القبول فيها من أركانها . ويكون الإيجاب إما لفظاً أو كتابة بصورة تدل على معنى حبس العين وصرف المنفعة ، فإذا كان الواقف عاجزا عنهما انعقد بالإشارة المفهمة ، والصورة الرابعة للإيجاب التي ينعقد بها الوقف هي الفعل مع القرينة الدالة على إرادة الواقف . كأن يبني مسجداً ويأذن للناس في الصلاة فيه ، أو مقبرة ويأذن في الدفن فيها . فيصير المسجد والمقبرة وقفا بالقرينة الدالة على إرادة الوقف .

ويشترط في صيغة الوقف الجزم : بأن تكون صيغة الوقف جازمة لا تحتمل عدم إرادة الوقف فلا ينعقد الوقف بالوعد ، ويشترط فيها التنجيز ويقصد به عدم تعليق الوقف على شرط كتعليق الوقف على قدوم شخص ويشترط في الصيغة كذلك التأبيد بأن تدل الصيغة على استمرار الوقف دون تقييد بزمن معين . فلا يصح تأقيت الوقف بمدة معينة وهو ما ذهب إليه جمهور الفقهاء وقال المالكية بجواز تأقيته . ويقصد بالتأقيت تعيين مدة زمنية ينتهي الوقف بمضيها .

2 – شروط الواقف :

يشترط في الواقف ليكون وقفه صحيحا أن يكون أهلا للتبرع بأن يكون حراً وبالغاً وعاقلاً ورشيداً، وألا يكون مكرها على وقفه ويكون مالكا للعين التي يريد وقفها .

3 – شروط الموقوف ( عين الوقف ) :

يشترط في الشيء المراد وقفه أن يكون مالا متقوماً مباحاً للانتفاع به فلا يصح وقف الخمر مثلاً، مملوكا للواقف عند إنشاء الوقف ، معلوما وقت الوقف علماً نافياً للجهالة .

ويجوز أن يكون الموقوف مالاً نقدياً أو عقاراً أو أسهماً أو أي منقول يمكن الانتفاع به ، ويشترط دوام الانتفاع فيه وليس من المستهلكات التي يزول عينها كالأطعمة مثلاً . كما يصح وقف المشاع وهو الحصة التي يملكها أحد الشركاء فيما لم يقسم من عقار ونحوه وتكون معلومة بالنسبة كالربع أو النصف أو المساحة كما يصح وقف العقار ويجوز أن يتزايد الأصل الموقوف نتيجة إضافات تحدث عليه سواء كانت الإضافات عينية أو نقدية حسب الأحوال .

4 – شروط الموقوف عليه :

وهي الجهة التي تستحق ريع المال الموقوف ومنافعه ، وهي الجهة التي يكون الوقف عليها قربة في ذاته وعند الواقف بحيث يعتقد أنه سوف يؤجر على وقفه هذا ، ويشترط في الموقوف عليه ألا يكون جهة يحرم الوقف عليها في الشريعة الاسلامية ويشترط في الموقوف عليه أن يكون على جهة لا تنقطع ، كالوقف على جهات الخير والبر مثل:القرآن الكريم ، والمساكين ، والفقراء ، والإطعام ، وغيرها في الوقف الخيري ، وعلى الأبناء ، والأقرباء ، في الوقف الأهلي .

الوقف على النفس :

يجوز للواقف أن يجعل غلة الموقوف كلها أو بعضها لنفسه ما دام حياً ، ثم من بعده لمن يشاء ، وهذا ما ذهب إليه أبو يوسف والظاهرية والإمام أحمد في أحد قوليه ، وحجتهم في ذلك ما روي عن الرسول صلى الله عليه و سلم أنه كان يأكل من وقفه ، والوقف لا يحل الأكل منه إلا بشرط ، فكان هذا دليلا على أنه يصح للواقف أن يجعل غلة الوقف كلها أو بعضها لنفسه ، كما يتحقق من هذا الرأي التيسير على الناس ، والترغيب لهم في الوقف ، ولهذا أخذ مشروع قانون الوقف الكويتي بهذا الرأي .

وقف المدين ووقف المريض مرض الموت :

إذا كان الواقف مدينا بدين مستغرق ماله كله ، وكان محجورا عليه بناء على طلب الدائنين فلا ينفذ وقفه إلاّ إذا أجازه الدائنون . وذلك على اعتبار أن أداء الدين واجب ، والوقف تبرع والواجب مقدم على التبرع . ولأن المدين بدين مستغرق قد يتخذ الوقف وسيلة للتهرب من حقوق الدائنين وإلحاق الضرر بهم ، وهذا لا يجوز شرعا . فسداً لهذا الباب يجعل وقفه متوقفاً على إجازة الدائنين ، محافظة على حقوقهم .

وكذلك الحال في وقف المريض مرض الموت ( وهو المرض الذي يقوم بالإنسان فيعجزه عن مباشرة أعماله التي كان يزاولها حال صحته وينتهي بالموت ) . لأن مرض الموت يترتب عليه تعلق حقوق الدائنين بمال المريض من وقت نزول المرض به وقبل حصول الوفاة بالفعل ، محافظة على حقوقهم ، حتى لا يتصرف في ماله تصرفا يؤدي إلى ضياع الحقوق .

ووقف المريض مرض الموت إذا لم يكن مدينا يأخذ حكم الوصية ، ويكون صحيحا ونافذا ، وللواقف أن يرجع عنه مادام حيا ، فإذا مات وكان له وارث ، فإن كان ما وقفه لا يزيد على الثلث نفذ الوقف في حدود الثلث وتوقف فيما زاد عن الثلث على إجازة الورثة ، فإن أجازوه نفذ ، وإن لم يجيزوه بطل ،( وإن أجازه البعض دون البعض نفذ الوقف في حق من أجازه ، وبطل في حق من لم يجزه).

الوقف المضاف إلى ما بعد الموت ( الوصية بالوقف ) :

الوقف إما أن يكون منجزا حال الحياة أو مضافا الى ما بعد الموت ، أما المنجز فينفذ بمجرد صدوره من الواقف ، ويجوز أن يكون في المال كله أو في نصيب معين وفقا لرغبة الواقف ( كما لو قال وقفت مالي كله وقدره كذا أو مبلغ معين على أعمال الخير أو البر وقفاً منجزاً ) .

أما الوقف المضاف إلى ما بعد الموت وهو ما ضمن الواقف صيغته ما يفيد تأجيل نفاذ وقفه إلى ما بعد وفاته ( كما لو قال بأنني وقفت ثلث مالي من بعد عيني لينفق من ريعه على وجوه الخيرات)، فإن كان ما وقفه لا يزيد على الثلث نفذ الوقف في حدود الثلث وتوقف فيما زاد عن الثلث على إجازة الورثة ، فإن أجازوه نفذ ، وإن لم يجيزوه بطل ، وإن أجازه البعض دون البعض نفذ الوقف في حق من أجازه ، وبطل في حق من لم يجزه .

وقف غير المسلم والمرتد :

إذا كان الواقف غير مسلم فيصح وقفه إذا كانت الجهة الموقوف عليها قربة لله تعالى في الشريعة الإسلامية ، ويبطل إذا لم تكن قربة من غير التفات إلى شريعة الواقف واعتقاده . أما المرتد فلما كان من شرط صحة الوقف أن يكون الموقوف ملكا للواقف فقد اختلف أقوال الفقهاء في حكم وقف المرتد بناء على اختلافهم في أثر الردة في زوال ملك المرتد عن ماله ، والراجح أنه لا يصح وقف المرتد لأن ملكه يزول بالردة ، والوقف من التصرفات التي لا يصح تعليقها على رجوعه إلى الإسلام إذ يشترط فيه التنجيز .

شرط الواقف :

إذا شرط الواقف في وقفه ما لا يخالف أحكام الشريعة الإسلامية وبما لا يضر في مصلحة الوقف أو الموقوف عليهم وجب على ناظر الوقف اتباع شرطه وتنفيذه ، فقد اعتبر الفقهاء شرط الواقف في حكم نص الشارع في وجوب الالتزام به . ولكن يجوز مخالفة الشرط الصحيح إذا أصبح العمل به في غير مصلحة الوقف أو الموقوف عليهم أو كان يفوت غرضا للواقف أو مصلحة أرجح منه ، ومثال الشروط المخالفة للشرع أن يشترط الواقف العزوبة فيمن يستحق في الوقف . ومثال الشرط المخالف لمصلحة الوقف ما إذا شرط ألا يؤجر الوقف إلا بأجرة معينة والحال أن هذه الأجرة لا تكفي لعمارة الوقف أو أن تصبح أقل من أجرة المثل ، ففي هذه الأحوال وأمثالها لا يعمل بشرط الواقف . ونص الفقهاء على أن الوقف إذا اقترن بشرط غير صحيح بطل الشرط وصح الوقف .

الشروط العشرة :

وهي طائفة من الشروط الصحيحة للواقف أن يشترطها في وقفه ، وقد اهتم بها أغلب الواقفين وحرصوا على النص عليها في أوقافهم ، وقد أصطلح على تسميتها بالشروط العشرة وهي :

1- الإعطاء : والمراد به أن يُؤثر الواقف بعض المستحقين بغلة الوقف كلها أو بعضها مدة معينة أو بصورة دائمة .

2- الحرمان : والمراد به منع الغلة عن بعض المستحقين مدة معينة أو بصورة دائمة .

3- الإدخال : والمراد به جعل من ليس مستحقا في الوقف مستحقا فيه ، بمعنى إدخال غير موقوف عليه وجعله من أهل الوقف ، فيكون بذلك مستحقا .

4- الإخراج : وهو جعل من كان مستحقا في الوقف غير مستحق ، بمعنى إخراج الموقوف عليه من الوقف ليكون بعدها من غير أهل الوقف مدة معينة أو بصورة دائمة .

5- الزيادة : وهي التعديل في أنصبة ومرتبات المستحقين في الوقف بالزيادة ، بمعنى تفضيل بعض الموقوف عليهم على الباقين بشيء يميزهم به حين توزيع الغلة أو الزيادة في نصيب أحد الموقوف عليهم على الدوام ، وهو ما يستلزم النقصان إذا كان ما زاده يعود على باقي المستحقين .

6- النقصان : وهو التعديل في أنصبة ومرتبات المستحقين في الوقف بالنقصان ، بمعنى أن ينقص من نصيب أحد الموقوفين عليهم أو بعضهم بأن يعطيه أقل مما أعطى غيره إذا لم تكن الأنصبة معينة ،وهو ما يستلزم الزيادة إذا كان ما نقصه يعود على باقي المستحقين .

7- التغيير : وهذا الشرط يشمل الشروط السابقة ويتناولها جميعها ، فيعتبر إجمالاً بعد التفصيل ، فالشروط السابقة نوع من التغيير ، لذلك إذا شرط الواقف لنفسه حق التغيير كان له الحق في الشروط السابقة ، كما له أن يغير في مصارف الوقف بطريقة أخرى فله أن يجعل المصارف مرتبات بدل أن تكون حصص .

8- التبديل : المقصود به التبديل في العين الموقوفة ، وذلك يشمل أمرين هما : التبديل في منفعة الموقوف كأن يجعل الأرض الزراعية مساكن مثلاً ، كما يشمل مقايضة عين بعين .

9-  الإبدال والاستبدال : والمراد بالإبدال إخراج العين الموقوفة عن جهة وقفها في مقابلة بدل من النقود أو الأعيان بمعنى بيع العين الموقوفة ، والمراد بالاستبدال أخذ البدل ليكون وقفاً مكان العين التي كانت وقفاً وبمعنى آخر شراء عين أخرى تكون وقفاً بدلها . وإذا ما ذكر أحدهما وحده فإنه يراد به معنى يشملهما ، وهو بيع العين الموقوفة وشراء أخرى لتكون وقفاً بدلها .

مسوغات مخالفة شرط الواقف :

تجوز مخالفة شرط الواقف في الأحوال الآتية :-

أ- إذا أصبح العمل بالشرط في غير مصلحة الوقف ، كأن لا يوجد من يرغب في الوقف إلا على وجه مخالف لشرط الواقف .

ب- إذا أصبح العمل بالشرط في غير مصلحة الموقوف عليهم كاشتراط العزوبة مثلاً .

جـ- إذا أصبح العمل بالشرط يفوت غرضا للواقف ، كأن يشترط الإمامة لشخص معين ويظهر أنه ليس أهلاً لإمامة الصلاة .

د- إذا اقتضت ذلك مصلحة أرجح ، كما إذا وقف أرضا للزراعة فتعذرت وأمكن الانتفاع بها في البناء ، فينبغي العمل بالمصلحة ، إذ من المعلوم أن الواقف لا يقصد تعطيل وقفه وثوابه .

الرجوع في الوقف :

يرى الفقهاء عدم جواز الرجوع في الوقف لأن الأصل فيه أن يكون لازماً متى صدر من مالكه مستكملا شروطه ، إلاّ أن أبا حنيفة يرى عدم لزوم الوقف فيجوز للواقف أن يرجع في وقفه إلاّ إذا كان الوقف مسجداً أو موقوفا على مسجد أو أن يقضي القاضي بلزوم الوقف ، ففي هذه الحالة لا يجوز للواقف الرجوع فيه . وفي الكويت أخذ الأمر السامي بالرأي الأخير القائل بجواز الرجوع في الوقف كله أو بعضه خيريا كان أو ذرياً ، كما يجوز له أن يغير في مصارفه وشروطه ولو حرم نفسه من ذلك ، إلاّ في وقف المسجد أو المقبرة وفيما وقف عليهما فإنه لا يجوز الرجوع فيه أو التغيير فيه ولو شرط ذلك .

المشاركة في الوقف :

يجوز أن يشترك شخص أو أكثر في تكوين الوقف ، سواء أن تكون صورة المشاركة بحصص نقدية أو عينية ، كما يجوز أن تكون المشاركة في تكوين الوقف من خلال الاستقطاعات الشهرية أو السنوية أو غيرها التي يتبرع بها أصحابها في المساهمة في تكوين الوقف .

اشتراط القبول لاستحقاق الوقف :

ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الوقف إذا كان على شخص معين فإنه يشترط قبوله . ليستحق الوقف . أما إذا كان الموقوف عليه غير معين فلا يشترط قبوله . والجمهور يعتبرون القبول شرطا لصحة الوقف وللاستحقاق . والمالكية يعتبرونه شرطا للاستحقاق فقط . ويقصد بالاستحقاق ثبوت حق الموقوف عليه في الانتفاع بالوقف .فإذا لم يقبل الشخص المعين الوقف ورد الموقوف عليه فإن نصيبه في الاستحقاق ينتقل إلى من يليه في الاستحقاق إن وجد إذا كان الواقف قد رتب الموقوف عليهم في طبقات وإلا انتقل إلى الفقراء .

اشتراط الحيازة والقبض :

ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الوقف يتم ويلزم بمجرد اللفظ من غير حاجة إلى أن يقبض الموقوف عليهم الغلة أو العين الموقوفة . واشترط المالكية لتمام الوقف ولزومه الحيازة بأن يحوز ناظر الوقف العين الموقوفة . فيبطل الوقف إذا لم يحز الموقوف أو حدث مانع كموت الواقف .

تعين الجهة الموقوف عليها :

إذا عين الواقف الجهة تعينت ، ولا يجوز الانتقال إلى غيرها إلا إذا استغنت هذه الجهة وفاض الوقف عن حاجتها ووجدت جهة مماثلة لها . وإذا كان الوقف على الخيرات ولم يعين الواقف جهة من جهات البر أو عينها ولم تكن موجودة أو لم تبق حاجة إليها أو زاد ريع الوقف على حاجتها صرف الريع أو فائضه إلى من يكون محتاجا من ذرية الواقف ووالديه بقدر كفايتهم ثم إلى المحتاج من أقاربه ثم إلى جهة من جهات البر وفي حالة ما إذا لم تكن جهة البر التي عينها الواقف موجودة ثم وجدت كان لها ما يحدث من الريع من وقت وجودها .

موت أحد المستحقين أو حرمانه من استحقاقه :

إذا مات مستحق أو حرم وكان الوقف على شخص عينه الواقف بنفسه ولم يوجد من يليه في الاستحقاق عاد نصيبه إلى من كان يشترك معه في الحصة وإلى هذا ذهب جمهور الفقهاء فلو وقف شخص على ولديه أحمد ومحمود وعلى أولادهما من بعدهما ثم مات أحدهما دون أن يكون له ولد عاد نصيبه إلى أخيه لأنه هو الذي يشترك معه في الحصة . إذا كان الوقف مرتب الطبقات ومات أحد المستحقين كان نصيبه لفرعه فان لم يوجد كان نصيبه لمن هو في طبقته من أهل الحصة التي كان يستحق فيها .

اشتراط مرتبات في الوقف :

إذا جعل الواقف وقفه لبعض الموقوف عليهم وشرط لغيرهم مرتبات قسمت الغلة بالمحاصة بين الموقوف عليهم وذوي المرتبات بنسبة ما بين المرتبات والغلة وقت الوقف أن علمت الغلة وقته ، وأن لم تعلم وقت الوقف قسمت الغلة بين أصحاب المرتبات والموقوف عليهم على اعتبار أن للموقوف عليهم كل الغلة ولأصحاب المرتبات بقدر مرتباتهم ( يقصد بالغلة : ريع الموقوف ، ويقصد بالمحاصة : أي بالحصص وهي ما قدره الواقف من نصيب يستحقه الموقوف عليهم ) . وإذا اشترط الواقف سهاما لبعض الموقوف عليهم ومرتبات للبعض الآخر كانت المرتبات من باقي غلة الوقف بعد السهام فإذا لم يف الباقي بالمرتبات قسم على أصحابها بنسبتها وإذا زادت الغلة على السهام والمرتبات قسمت بين المستحقين للنوعين بنسبة استحقاقهم . ويقصد بالسهام : النصيب المقدر الذي عينه الواقف.